بسم الله الرحمن الرحيم
قد كثر المشككون ممن تسموا بأسمي المسلمين وهكذا كلما ضعف
الإسلام ظهر هؤلاء وأغلبهم ليس إلا متأثر بالغرب جاهل بالشرع واحكامه ومما أثاره
هؤلاء من شبهات ما يتعلق بميراث المراة فزعموا أن حقها مهضوم وان نصيبها مأخوذ ولا
بد من المساواة بينها وبين أخيها الرجل أقول وبالله التوفيق
من أصول الإستنباط السليم رد المتشابهات إلى المحكمات ورد
الجزئيات إلى الكليات وكليات الشريعة محكمة كما قرر الشاطبي والمحكم هو الواضح
البين والمتشابه الغامض المحتمل
فمن نظر للشريعة كوحدات مجزئة دون رد الجزئيا إلى كلياتها وقع
في الخطأ أو ظن أن فرواعا تُعارض اخرى
فالشريعة الإسلامية تؤخذ ككل متكامل والنظرة إليها بجزئية
يُغيِّب الكثير من فهم مقاصدها فيعتقد البعض أن فيها إحجافا أو ظلما فميراث الأخت
عل النصف من ميراث الأخ فمن نظر إلى هذه الجزئية اعتقد أن هناك إجحافا في حق البنت
ولا يُقَال إن لها حالات تأخذ أكثر من الرجل لأن المقارنة تكون مع نفس الصنف أي
البنت مع الإبن فالنظرة الجزيئة أوقعت صاحبها في هذا الإشكال والجواب عن الإشكال
من وجهين إجمالي وتفصيلي
فالإجمالي : هو رد
المتشابه الذي فيه غموض للمحكم الواضح البين والمحكم أن الشريع كلها عدل قال تعالى
(( ليقوم الناس بالقسط )) فلا شك أن حكم الله في الميراث عدل محض والتفصيلي : فإننا نقول
إن التصور الإسلامي لنظام المجتمع يختلف عن التصور الغربي الجاهلي لنظام المجتمع فالشرع
قسم الأدوار وجعل مناط القوامة للرجل والقوامة مسؤولية قال تعالى (( فلا يخرجنكما
فتشقى )) فجعل خروج آدم وحواء من الجنة خسارة لهما وجعل ما يعقب الخروج من المشقة ألصق بالرجل ولذا أوجب الشرع على الرجل النفقة على المرأة ولو كانت غنية قال
تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته)) وقال (( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف
)) فالمولود له هو الرجل والمعنى ان على الرجل كسوة ورزق زوجاته وقال تعالى ((
أسكنوهن من حيث سكنتم )) فالرجل في التصور الإسلامي مسؤول عن إعداد السكن والبحث
عن لقمة العيش أما المرأة فمعفوة عن هذا التكليف ومع ذالك لها ذمتها المالية
المستقلة لا يشاركه الرجل في مِلك مالها وتشاركه في ماله وقد أجاز الرسول صلى الله
عليه وسلم للمرأة التي بخِل الرجل عليها وعلى زوجها أن تأخذ ما يكفيها وولدها
بالمعروف دون علمه فلها أن تطالب زوجها بالنفقة والسكنى وليس له أن يطالبها بهما
ولو ملكت كنوز الدنيا فكان الحكم وفق قاعدة الغُرم بالغُنم فقد غُرِم الرجل في
ماله وجُهده فغَنَم في الميراث وغُرمت المرأة في الميراث فغَنَمت في عدم مطالبتها
بالنفقة مع أن أغلب الرجال لو قارن مع ما أخذه من ميراث على ما أنفقه على زوجة أو
أم أخت فلا يساويه أبدا وهكذا وزعت الشريعة الإسلامية الأدوارأما
التصور الغربي ففي مواقفه من المرأة الكثير من التناقض – وليس المقام مقام بيانها
– ولكن ما يرتبط بموضوعنا أن التصور الغربي لم يقسم الأدوار فكان لزاما على المرأة
أن تخرج للشارع لتحصيل لقمة العيش فليس واجبا على زوجها أو وليها النفقة عليها
فعليها تحصيل لقمة عيشها بكد يمينها كما يفعل الرجل ولو باستخدام جسدها فكان
طبيعيا أن تنادي بالمساواة مع الرجل في الميراث وأدى عدم تقسيم المهام هذا إلى
ظهور آفات ومشاكل لا يسع المقام لتحليلها ولكن نجملها فنقول هُدِم نظام الأسرة
وضاع حق الأولاد في حنان الأم وعطفها وضاع حق الوالدين الكبيرين في اعتناء ابنائهم
بهم لان المرأة التي تعتني بهم في البيت غير موجودة وفتحت دار العجزة وهذا مصيرنا
عندما نكبر دار العجزة لأننا قلدناهم وظهرت الآفات والرذائل والفاحشة التي هي من
منظورهم حرية شخصية وأهينت المرأة بدل تكريمها وهي ضاحكة مستبشرة فهذا هو التصور
الغربي والله المستعان
