شرح وتقييد لمعنى قول العلماء البدعة أعظم من المعصية

بسم الله الرحمن الرحيم

النهي عن البدع

ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وقد أكمل الله عز وجل الدين فلا نقص فيه وليس لأحد أن يزيد فيه أو ان ينقص منه وقد قررت الشريعة الإسلامية أن لا مشرع في الحقيقة إلا الله عز وجل فالنبي مخبر عن الله عز وجل وعن شرعه والعلماء من بعده كاشفون لأحكام الله بما رزقهم الله من علم تعلموه لذالك فإن من المقرر في شرع الله عز وجل بنصوص صريحة صحيحة أن الإحداث في الشرع منهي عنه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وقال (( كل بدعة ضلالة )) ذالك أن البدع معصية وزيادة فوجه كونها معصية مخالفة نهي الشرع عن إحداثها فهذه المخالفة معصية لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجه كونها زيادة على المعصية أنها إستدراك على الشرع كأن الشرع نسي فضل هذا العمل فأضاف المبتدع هذا العمل المنسي بخلاف العاصي ففي المعصية مخالفة للأمر والنهي فقط دون استدراك للشرع بالزيادة فيه أو النقص منه

ومن وجه آخر فإن العاصي يعصي ويعلم أنه مخطئ والمبتدع يبتدع ويعتقد أنه موافق للشرع ولذالك فإن العاصي لا يستدل بالنصوص ليبرر معصيته بينما المبتدع يستدل بالنصوص لينصر بدعته ومن هذا الوجه قيل توبة العاصي أرجى من توبة المبتدع فقد قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري (( إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن البدعة لا يُتاب منها، والمعصية يُتاب منها)) فمن هذا الإعتبار قيل جنس البدع أعظم من جنس المعاصي

هل كل بدعة هي أعظم من كل معصية ؟؟  

من المقرر شرعا أن البدع تتفاوت فمنها ما يصل لحد معاندة أصول الشرع ومنها بدع في فروعه فمنها الكبائر ومنها الصغائر ومنها ما هو في دائرة الإشتباه فبينها درجات مختلفة وكذالك المعاصي فهي متفاوتة فمنها كبائر وموبقات ومنها صغائر من اللمم تمحوها اعمال يسيرة فلا يمكن القول أن كل بدعة اعظم من كل معصية فقتل النفس مثلا وعقوق الوالدين أشد إثما وجرما من الذكر الجماعي فالأولان معاص والثاني بدعة ولكن الأول أشد من الثاني

فكقاعدة عامة فإن جنس البدع أعظم من جنس المعصية ولكن كتطبيق يحتاج إلى نظر وتأمل في كل بدعة وفي كل معصية وهذا مقرره جمع من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية فكل من البدع والمعاصي تحتوي على شر وعظم هذا شر بعظم معاندته ومخالفته للشرع وقواعده وفروعه