من المسائل التي كثيرا ما أثارت الجدل بين عامة
الناس بل حتى بين طلبة العلم مسألة تقسيم البدع وكثيرا ما كان السؤال عل البدعة
واحدة ولا تكون إلا ضلالة أم أن البدعة تقسم بحسب أقسام الحكم التكليفي إلى خمسة
أقسام أي واجبة ومستحبة ومكروهة ومباحة ومحرمة وجماع الأقسام الخمسة عند من قسمها
قسمين حسنة وسيئة
ذكر العلماء الذين قسموا البدع إلى حسنة وسيئة
لقد قسم بعض العلماء البدعة إلى حسنة وسيئة ونُقِل هذا عن الإمام الشافعي نقله عنه البيهقي في السنن الكبرى قال الشافعي رضي الله عنه : (( المحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه لبدعة الضلالة ، والثانية ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإن كانت فليس فيها رد لما مضى )) انتهى.
وممن قال بهذا القول جمهور العلماء وأبرزهم العز
ابن عبد السلام وشهاب الدين القرافي والنووي والسيوطي والمناوي وأبو شامة وابن
الأثير وابن حجر والقرطبي وغيرهم وهؤلاء قالوا إن حديث (( كل بدعة ضلالة
)) وحديث (( وشر الأمور محدثاتها )) وإن كان ظاهرها العموم فإن كل
من ألفاظ العموم وأيضا فإن (( الأمور )) جمع معرف فيفيد العموم إلا ان هذا العموم
مخصوص بالبدع المخالفة للشرع
ذكر العلماء الذين رفضوا هذا التقسيم وقالوا البدع كلها مذمومة
وممن أنكر هذا التقسيم وقال إن البدعة كلها سيئة مذمومة الإمام الشاطبي وشيخ الإسلام إبن تيمية وجمع من العلماء وقد قال هؤلاء إن البدعة في الشرع لا تكون إلا مذمومة وما ورد في كلام السلف من تسمية بعض الأعمال بدعة ووصفها بالحسنة إنما عنو بالبدعة في وصفهم المعنى اللغوي وهو مطلق الإحداث ولم يعنوا المعنى الشرعي المقابل للسنة قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (( وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية ))
وهؤلا ء قالوا حديث (( كل بدعة ضلالة
)) وغيرها باقية على عمومها ولم تخص فكل بدعة لا تكون إلا ضلالة
هل الخلاف بين المذهبين لفظي
بعضهم يذكر أن الخلاف في المسألة غير لفظي بل هو حقيقي وبعضهم يذهب لغير ذالك كالجزاني في كتابه قواعد البدع فإن قال إن الخلاف لفظي فالذين قالوا بالبدعة الحسنة أرادوا البدعة بمعناها اللغوي كما قال عمر ابن الخطاب في جمع الصحابة على إمام واحد في صلاة التراويح نعمت البدعة فأراد المعنى اللغوي وهو كل مُحدث لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ولذالك مثلوا للبدعة الحسنة بإنشاء المدارس وتأليف الكتب ولم يمثلوا بالعبادات ومن أنكر التقسيم قال إن البدعة لا تكون إلا مذمومة أراد بها المعنى الشرعي لا اللغوي والبدعة بمعناها الشرعي كل ما أحدث من أمور الدين لا الدنيا وهؤلاء إنما انكروا التقسيم إلى حسنة وسيئة سدا للذريعة
ولكن أحدث بعض المتأخرين بدعا في العبادات زاعمين
أن البدعة قسمها العلماء قسمين حسنة وسيئة ولم يعوا أن من قسم إلى ذالك أراد
بالحسنة ما كان في الدنيا وهو من قبيل المصالح المرسلة