السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعتبر تفسير القرآن الكريم من أهم العلوم التي حرص عليها علماء المسلمين قديما وحديثا فالمكتبة الإسلامية تحوي المئات إن لم نقل الآلاف من كتب التفسير أو رسائل التفسير
وأشهر مدارس التفسير المعروفة التفسير بالرأي والتفسير بالأثر وبعض التفاسير اهتم بجانب اللغة والبلاغة وقد اخذت بعض التفاسير المعروفة مكانتها بين كتب التفسير واشتهرت اكثر من غيرها ومن هذه الكتب تفسير ابن كثير فهو من التفاسير القديمة التي تعتبر من أفضل التفاسير وقد أثنى العلماء كثيرا عليه إلا انه لاحتوائه على كثير من الآثار السلفية والأحاديث النبوية والآيات القرآنية قد يزهد فيه بعض من عامة الناس ويستثقلونه فتفسير ابن كثير يعتبر من التفاسير المتوسطة ونحن اليوم نقدم تفسير مختصرا مناسبا لهذا العصر
حمل كتاب تفسير الشيخ السعدي
ها نحن نقدم كلمة بسيطة عن هذا الكتاب لقد ظهرت تفاسير مختصرة منذ القدم وأشهرها تفسير الجلالين لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي إلا انه شديد الإختصار يستصعبه كثير من العامة وربما لا يدركون مرامي كلام المؤلفين
وفي العصر الحاضر كتبت تفاسير كثيرة ما بين متأثر بمدرسة الرأي أومدرسة الأثر أو مدرسة اللغة إلا ان هناك تفسيرا قيما استحسنه العامة وقبلهم العلماء فمؤلفه مععروف صاحب التآليف النافعة في شتى فنون العلم هو الشيخ عبد الرحمن السعدي من علماء العصر ونوابغه وقد ترك تلاميذا ملؤوا الأرض علما وفقها أبرزهم الشيخ محمد صالح العثيمين وتفسير الشيخ قد سماه ( تيسير الكريم الرحيم في تفسير كلام المنان ) فهو على اختصاره فهو جزل العبارة يوصل المقصود من الآية في اوجز عبارة لا يستطرد في اقوال المفسيرين واختلافهم كما يفعل ابن جرير او ابن كثير وغيرهما ولا يستكثر في عد الأوجه والإعتراضات العقلية كما يفعل الرازي في تفسيره فلربما يستشكل عليك معنى آية فتجدها في هذا الكتاب القيم وقد لخص فيها الأقوال وجمعها إن كان الإختلاف فيها إختلاف تنوع وإن كانت الأقاويل مضطربة إختصر عليك الطريق بذكر الراجح فيما يبدوا له منها فكلامه في الآية مختصر مفيد جامع للمقصود منها ذاكر فوائدها وإرشاداتها فلا يقتصر على المعنى اللغوي او الشرعي المأخوذ منها فحسب كما يفعل البيضاوي في تفسيره ولا يذكر انواع الإعراب والأوجه اللغوية والنحوية كحال تفسير ابن عاشور ولسنا نعيب هذه التفاسير فلكل منها أهله ورواده ولكن لأننا نتحدث عما يستفيد منه عامة الناس ولا يستصعبونه كما يتميز تفسير الشيخ السعدي أنه إذا بلغ آية من آيات الأحكام لم يستطرد في ذكر الحكم وفروعه وأقوال العلماء وأدلتهم ووجوه إعتراضاته بل يذكر ما تلخص له في المسألة دون تطويل يتيه به العامي من الناس وهو يقرأ الكتاب وليس معنى هذا أن لا فائدة فيها لطلاب العلم بل فيه كل الفائدة ولعلى طالب العلم يجد فيه جمعا لأقوال العلماء في قول واحد كما ان اعتنى ببيان القواعد الأصولية في مواضعها وأيضا القواعد الفقهية كلما تيسر له الحال إضافة إلى فوائد أخرى فريدة وما يميز هذا الكتاب أيضا خلوه من الأحاديث الضعيفة والروايات المكذوبة وبعده التام عن القصص المختلقة والإسرائيليات التي وجدت في بعض كتب التفسير المشهورة كما أنه خال من البدع والعقائد الفاسدة فصاحبه معروف بملازمته للسنة وصفاء العقيدة فإنه اعتنى ببيان آيات الصفات وتفسيرها على مقتضى عقيدة السلف
فلو ان كل بيت من بيوت المسلمين احتوى هذا الكتاب ليراجعوه ويداوموا على مطالعته لكن في ذالك خير كثيرا ونفعا عظيما فرحم الله الشيخ السعدي وتقبل منه هذا الجهد القيم