بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 . المولد والنشأة
مع علم من أعلام الأمة الإسلامية مع رائد النهضة الإسلامية في الجزائر، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. ولد الامام عبد الحميد بن باديس سنة 04 ديسمبر1889 بقسنطينة بالجزائر من أسرة معروفة بالعلم والجاه
حفظ القرآن في سن مبكرة فقد حفظه وعمره 13 سنة وتلقى مبادئ العربية والعلوم الإسلامية على مشايخ من أبناء منطقتهم أشهرهم العالم الجليل الشيخ حمدان الونيسي
القسنطيني وقد كان لهذا الأخير أثر عظيم على تربيته العلمية والدينية ، وظل ابن باديس ذاكرا لوصيته له المشهورة التي قال له فيها هذا الشيخ (( اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة )) ، بل أخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يقرب مناصب حكومية تغريه إياها فرنسا وقد كان كذالك الشيخ فكان عند عهده ووعده وهذه شيم الرجال
2 . رحلته العلمية وتأثره بشيوخ الزيتونة
وبعد ذالك واصل الشيخ تعليمه العالي في جامع الزيتونة وقد كانت قبلة للجزائريين يومها لأخذ العلم والتفقه ، فالتقى كبار علمائها هناك وجالسهم وأخذ عنهم جماعة وعلى رأسهم زعيم النهضة الفكرية والحركة الإصلاحية في ذالك الجامع إنه العلاّمة «محمَّد النخلي القَيْرَوَانِي»، المتوفَّى سنة (1342ﻫ)، وأخذ أيضا عن المفسر اللغوي الأصولي البارع الشيخ « محمَّد الطاهر بن عاشور»، المتوفَّى سنة (1393ﻫ)
ولكنه عاد إلى الجزائر في سنه 1913وبدأ نشاطه كمدرس في جامع الأخضر في مسقط رأسه قسنطينة واهتم بنشر العلم والدين والخلق والعفاف وحاربا الجهل الذي تفشى بسبب الإستمعار الفرنسي
3 . سفره للبقاع المقدسة وإلتقاؤه بالشيخ الإبراهيمي
ثم بعد ذالك سافر الى البقاع المقدسة ليؤدي ما فرض عليه من فريضة الحج وهناك ألتقى رفيق دربه وزميله في الإصلاح وقد لازما الشيخان الجليلان بعضهما البعض كما ذكر ذالك الشيخ الإبراهيمي ولم يفترقا طيلة أيام الإقامة في الحجاز ، فكانا يقضيان كل ليلهما يحللان أوضاع الجزائر، ويدرسان أساليب النهوض ووسائل النصرة والإستلقلال
وقد أعجبته الإقامة هناك خاصة وأن من يقيم هناك هو شيخه وأستاذه الجليل الونيسي وكذالك تمنى شيخه بقاء تلميذه معه . لكن ناصحا بعين ثاقبة يدعى الشيخ حسين أحمد الهندي لم يوافقه على ذمكوثه في الحجاز فالحجاز مليئة بأهل العلم وأهل بلده قد جهلهم الإستعمار،ونصحه بضرورة العودة إلى وطنه الذي ولد فيه خدمة لبلاده وأهله هناك لعلى الله عز وجل يجعله من أسباب إستقلال هذا الشعب الذي جثم عليه المستدمر الفرنسي
4 . عودته للجزائر وتأسيسه الجمعية والنظال من أجل الإستقلال
فأخذ الشيخ بهذه النصيحة وأعجبه الرأي وكان نعم الرأي فعاد إلى بلاده وسرعان ما باشر عمله الإصلاحي التربوي منطلقا من المسجد جاعلا إياه منارة هادية منيرة ومستنيرة فاهتم بتعليم الصغار وتوعية الكبار ولم ينس السلطة الرابعة تلكم هي الصحافة فاتخذها كوسيلة أخرى للإصلاح ولنشر الوعي الديني والوعي السياسي فأنشأ عدة جرائد منها المنتقد والشهابلقد حارب الشيخ في هذه الجرائد وعبر دروسه المسجدية الخرافات والبدع التي بثها المستعمر الفرنسي وساهم في إنتشارها وشجع أهلها وقدم لهم المزايا
ولم يكن الشيخ معتكفا على مسجده بعيدا عن الأحداث السياسية بل شارك في بعضها على رأسه رفضه الواضح فكرة ادماج الجزائر بفرنسا ووقف سدا ذريعا في وجه التجنيس بالجنسية الفرنسية فحرمها تحريما جازما وصدع بتلك الفتوى المشهورة حفاظا على ما تبقى من كيان أمته
وقد كان يمارس في مسجده دروسا لطلبة العلم ولعامة الناس ففسر القرآن الكريم كاملا وقد طبع بعد إستقلال الجزائر جزء من تفسيره تحت إسم مجالس التذكير كما كان له إهتمام بفقه المالكية وكتب علماء المذهب إذ كان المذهب السائد هو المذهب المالكي فاهتم بشرح موطأ الإمام مالك رحمه الله
وفي سنة 1931 كان من أبرز المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين
الجزائريين في نادي الترقي بالجزائر عاصمة الدولة الجزائرية فاتخذ من الجمعية وسيلة دعوية اخرى من الوسائل التي اتبعها وقد جاب باسم الجمعية في نشاط دائم كثيرا
من أقطار الوطن فكانت له زيارات لأغلب جهات الوطن يدعوا في رحلاته الناس للعودة للكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلف
الأمة ويعرفهم باهداف الجمعية ويدعوهم لاتخاذها وسيلة لخدمة الدين
وعند إندلاع الحرب العالمية الثانية قام بإيقاف صدور مجلة الجمعية التي كان ينشرها باسم الشهاب كي لا تضغط عليها السلطات الفرنسية فيكتب شيئا يؤيدها فيه،
وكان من أبرز مساهمة جمعية العلماء السياسية ما حدث سنة 1936 م حيث دعا رفقة زملائه إلى مؤتمر إسلامي يضم جميع الأحزاب السياسية من أجل دراسة قضية الجزائر، فاستجابت أكثر هذه التنظيمات وقد دعي إلى المؤتمر أيضا بعض الشخصيات المستقلة، وكان من نتائج المؤتمر المطالبة ببعض الحقوق للجزائريين ، وشكل المؤتمر وفدا كان من ضمنه الشيخ إبن باديس ورفيقيه الشيخين الإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين عن جمعية العلماء، ولكن فرنسا رفضت هذه المطالب .
5 . وفاته وتشييع جثمانه
توفي الشيخ بن باديس يوم 16 أبريل 1940 م في مسقط رأسه بمدينة قسنطينة واتخذ الجزائريون هذا اليوم مناسبة وطنية سموها بعيد العلم حيث تقام تظاهرات ثقافية في هذا اليوم تذكرا لدوره النظالي البارز فرحم الله الشيخ رحمة واسعة .
وفي يوم تشييع جنازته إمتلأت قسنطينة عن بكرة أبيها بمحبي الشيخ يودعونه إلى مثواه الأخير، وحضرت الوفود من مختلف الولايات الجزائرية لتشييع جنازتة في
مقبرة آل باديس الخاصة بعائلتهم في مسقط رأسه.