بسم الله الرحمن الرحيم
يبدوا أن أرواح الإصلاحيين تتآلف عبر الأزمان وعبر الأماكن وهوؤلاء الإصلاحيون
طالما شغلتهم هموم أمتهم ومجتمعاتهم وإن ساعدتهم الظروف كانوا يدا واحدة على
الفساد لقد عاشت المة الإسلامية خلال القرن الماضي تدهورا خلقيا ودينيا لم تعرفهم
من قبل فأغلب بلدان المسلمين كانت مستعمرات للصليب المسيحي يبثون فيها التنصير
ويجهلون الناس ولكن شاء الله لهذه المة أن لا تموت ففي كل مرة يبعث من يجدد لها
دينها ويصلح لها أمرها ومن هؤلاء الإصلاحيين علامة تونس ذو الأصول الجزائرية الشيخ
عبد العزيز الثعالبي
لقد كانت صلة الثعالبي بالحركة الإصلاحية الجزائرية صلة قوية ووطيدة وذلك عندما
زار الجزائر سنة 1903 م ، اشتدت هذه العلاقة أكثر فكانت له مقامة مرموقة في نفوس
الجزائريين والإصلاحيين أمثال ابن باديس وإبراهيم أطفيش والمدني توفيق
وغيرهم،
كان ممثل
الحركة الإصلاحية التونسية الشيخ عبد العزيز الثعالبي الجزائري الأصل بينه وبين
الشيخ ابن باديس اتصالات وزيارات وقد مر مديح الشيخ ابن باديس حين قال فيه ((
بل صار في أذهان الناس علما على الرجولة والبطولة والزعامة، وعلى التفكير والعمل
والتضحية وعلى الإسلام )) وياله من وصف من مصلح مهتم وقال عنه (( ورأت
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في قدومه اعتزاز الإصلاح الإجتماعي الإسلامي من
ناحية الفكر والعلم والأخلاق والسلوك في الحياة ))
والشيخ الثعالبي هو مؤسس أول حزب وطني في تونس سماه الحزب الحر الدستوري
التونسي ثم أصبح يسمى الحزب بالحزب الحر الدستوري التونسي القديم بعدما انشق عنه
حزب آخر سماه أصحابه الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد وكان من المنشقين الحبيب
بورقيبة ومحمود الماطري وقد أرسل الشيخ ابن باديس برقية شكر وتهنئة للدكتور
الماطري وكان طبيبا
فأنت ترى أن جمعية العلماء كان لها اتصالات مع احزاب وحركات اصلاحية عربية
واسلامية فلم يكن الشيخ ابن باديس عاكفا في مسجده منقطعا عن أخبار العلم ولم
يكن إهتمامه مقتصرا على وطنه بل كانت آمال الشعوب الإسلامية آمالها والحركات
الإصلاحية حركاته يتألم لتألمها ويفرح لفرحها فنبضه الإسلامي وغيرته الدينية
وحميته لدينه ووطنه جعلت منه هذا المهتم وهذا المصلح البارع فرحم الله الشيخ ابن
باديس