بسم الله الرحمن الرحيم
لا أقصد بالوجبات السريعة ما يتناوله الناس من مأكولات بل أعني بالوجبات السريعة تلك الرسائل والكتيبات التي تكتب في مسائل شرعية بلغة بسيطة وفي كثير من الأحيان لا تعدوا إلا ان تكون نقولات وتلفيقات من هنا وهناك تفتقد إلى التأصيل العلمي والتحقيق الدقيق في كثير من الأحيان
لا ألوم كاتبها لأنها موجهة لعامة الناس وليس قصده منها مناقشة مسألة مع أهل العلم من إختصاصه أو مع طلبة العلم من أمثاله إلا أنه قد يلام من كان هذا هو شأنه في كتابة مثل هذه الرسائل الصغيرة من حيث أنه لم ينبه قُرَّاءه أن العلم ليس محصورا فيما كتبه وأن قوله هذا لا يعدوا إلا ان يكون واحدا من الأقوال التي قد تصيب وقد تخطئ ويكون ذالك بالتنبيه أو بذكر الأقوال الأخرى واحترامها ولا تُرمى جانبا ثم يقال هي مخالفة للكتاب والسنة والمسألة لا تعدوا إلا أن تكون من مسائل الإجتهاد المختلف فيها قديما وحديثا ولا ألوم قارئها إلا من حيث تجاوز حدود ما وضعت له فلم توضع لتحصيل علم شرعي بل وضعت لبيان مسائل شرعية لعامة الناس لظن كاتبها أن ما يقوله صحيح موافق للكتاب والسنة فهي رأي من الآراء الموجودة في دائرة الفقه الإسلامي القابلة للأخذ والرد ولا يغريك قول القائل الراجح أو الصحيح كذا فهو الراجح فيما ظهر له وقد يرجح غيره خلاف ما ذاهب إليه بل قد رجح من سبقه خلاف رأيه وليس قول المتأخر بأصوب من قول المتقدم وليس العلم بكثرة الرواية أو الكتابة وإلا لقيل خلف الأمة أعلم من سلفها وفي هذا انتقاص لعلماء الصحابة رضوان الله عليهم
إن هذه الأحادية في الطرح زرعت كثيرا من المفاهيم الخاطئة فيعتقد بعضهم أنه قد أوتي علما عظيما بمجرد وجبة سريعة أو وجبات سريعة أخذها أويعتقد أن المسألة محسومة برأي شيخه واجتهاده وذالك لأن شيخه إستدل بأدلة شرعية وكأن المخالف يعتمد على التوراة أو الإنجيل ؟؟؟؟ واحيانا يكون المخالف فحول الإئمة كمالك والشافعي أو الجمهور من علماء الأمة ولكن تلك الوجبة السريعة قضت عليهم عند هذا الرجل ؟؟
قال بعظهم في أحد أصحابه إنه علم يمشي على الأرض ولولا جهله ما قال هذا الكلام ولا أريد القول لولم يكن جهلا يمشي على الآرض ما وصف صاحبه أنه علم يمشي على الأرض
قال لي يوما احدهم هذا الحديث صحيح فقلت له ولكن الذهبي ضعفه فقال صححه الألباني وركب رأسه وجعل علم الذهبي عملاق الرجال والحديث لا شئ امام علم الألباني وهكذا هم لا البخاري ولا الدارقطني ولا بن حجر ولا غيرهم من جهابذة الحفاظ والمحدثين يفوقون الالباني علما وحجتهم داحضة من أسوء الحجج وهي أن الألباني متأخر عنهم وله من الوسائل ما ليس لهم ولو طردوا قاعدتهم لقالوا هو أعلم من الصحابة
دخلت يوما أنا وصديقي لمحل الشاي وليس علينا أية علامة مظهرية تجعلنا شيوخا ووجدنا في رف صاحب المقهى – كتيبات ورسائل – طبعا وجبات سريعة ووجدنا الرجل يقدم فتوى لأحدهم ممزوجة بالشاي ؟؟؟؟
قال لي صاحبي اتملك رسالة السيوطي في حكم السبحة فقلت له أملكها ضمن رسائله في كتاب إلكتروني ثم قلت ويحتوي أيضا على رسالته في حكم الإحتفال بالمولد وهو يجيز الإحتفال وينقل الجواز عن ابن حجر فقال صاحب المقهى كلاما محتواه هؤلاء يخطؤون وهناك علماء محققون جمعوا بين الحديث والفقه وذكر أن هذا العالم هو أعلم من مالك في الحديث ويقصد بكلامه طبعا الألباني فسكت انا وصاحبي لأننا نعلم أن لا فائدة ترجى مع الوجبات السريعة ثم تحدثنا أنا وصاحبي حول مسألة من أصول الفقه ذكرها القرافي في كتابه الفروق وهي الفرق بين قاعدة ترك الإستفصال في قضايا الأحوال ينزل منزلة العموم وقاعدة الدليل إذا تطرق إليه الإحتمال سقط به الإستدلال فعلم الرجل أننا لسنا بسطاء من الناس فقال لصاحبي تتحدثون عن علم الحديث فقال لا عن أصول الفقه فالرجل لا يفرق حتى بين أنواع العلوم الشرعية وهو يفتي ثم فهمنا الرجل أن مالك عالم بالحديث وفهمناه أن لا يكررها مرة اخرى فيقول أن الألباني أعلم من مالك
هذا بعض ما جنته الوجبات السريعة من أضرار في السلوك والتصورات
