بسم
الله الرحمن الرحيم
من
الأشياء الغامضة لدى الكثير من الناس مفهوم البدعة وانواعها وخاصة ما يندرج تحت
البدعة الإضافية فكثيرا ما يخلط الناس بين أن يكون الفعل من قبيل البدع الإضافية
أو هو من قبيل المندوبات الشرعية فموضوعنا حول هذه الجزئية نقول وبالله التوفيق
البدعة طريقة في الدين مخترعة وقولنا في الدين لنخرج منها ما كان من العادات المحضة فلا تجري
فيها البدع من حيث الأصل وحكم البدعة ردها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) والبدعة قد تكون واضحة جلية لا
تستند إلى دليل شرعي وتعرف بالبدعة الحقيقية كإحداث صلاة سادسة فليس لهذا الإحداث
أي سند شرعي وقد تكون البدعة إضافية أي لها دليل يعضدها من وجه ولها دليل يردها من
وجه آخر فهذا النوع يتدافعه دليلان ولذالك قد يشتبه أمرها على كثير من الناس
والغالب في هذا النوع أن يكون من قبيل الزيادة على أصل العمل المشروع فالعمل يكون
مشروعا في أصله لكن المكلف أدخل عليه تغييرا في وصف من اوصافه كطريقة أو وقت أدائه
فصلاة النافلة مشروعة مندوب إليها من حيث الأصل وتأدية الصلاة جماعة مأمور بها في
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين
درجة )) فلو قال قائل إن تأدية تحية المسجد جماعة مندوب إليها لحث النبي صلى الله عليه
وسلم على الجماعة فقد أسند قوله هذا إلى أصل عام وهو استحباب الجماعات وحث الشرع
عليها ومن جملة الجماعات التي أمر بها الإجتماع في الصلاة فبذالك فإن تأدية تحية
المسجد سنة مستحبة ولكن هذا الدليل يعارضه دليل آخر إذ لو كان لتحية المسجد بتلك
الهيئة فضل فلماذا ترك رسول الله واصحابه ذالك الفضل فتركهم تأدية تلك الصلاة بهذا
الوصف الزائد الذي هو الإجتماع دليل على أنه منهي عنه شرعا ولا شك أن فضل أي عمل
لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذالك يقودنا هذا إلى قاعدتين مهمتين
ذكرها أهل العلم كالشاطبي وابت تيمية وغيرهما
الأولى
: لا تشرع عبادة بكيفية ما أو بوصف من الأوصاف إلا إذا وردت عن الشارع بتلك
الهيئة او الصفة أما مجرد إندراجها تحت عمومات فذالك مفتاح الإبتداع
الثانية : إذا ترك رسول صلى الله عليه وسلم شيئا
والسبب الذي يدعوه لفعله موجود ولا يوجد أي مانع من الفعل فالترك هنا سنة ففي
مثالنا السابق ترك رسول الله لتأدية تحية المسجد جماعة مع قيام السبب وهو فضل
الجماعة وانتفاء المانع دل أن أداء تلك الصلاة بهذه الهيئة بدعة شرعا